الفلسفة في الباكالوريا
مر

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الفلسفة في الباكالوريا
مر
الفلسفة في الباكالوريا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» العمل: النجاعة والعدالة
الفن بما هو رؤية للعالم Empty2nd يونيو 2013, 05:24 من طرف nadhem

» إلى أين تسعى ياجلجامش؟
الفن بما هو رؤية للعالم Empty27th سبتمبر 2012, 01:21 من طرف احمد حرشاني

» لست أدري! لست أدري!
الفن بما هو رؤية للعالم Empty27th سبتمبر 2012, 01:14 من طرف احمد حرشاني

» تلخيص مسالة الخصوصية والكونية
الفن بما هو رؤية للعالم Empty5th ديسمبر 2011, 01:04 من طرف احمد حرشاني

» شواهد فلسفية: الانية والغيرية
الفن بما هو رؤية للعالم Empty5th ديسمبر 2011, 01:03 من طرف احمد حرشاني

» شواهد :الانظمة الرمزية
الفن بما هو رؤية للعالم Empty5th ديسمبر 2011, 01:02 من طرف احمد حرشاني

» شواهد :الانظمة الرمزية اللغة
الفن بما هو رؤية للعالم Empty5th ديسمبر 2011, 01:02 من طرف احمد حرشاني

» شواهد :الانظمة الرمزية المقدس /الأسطورة
الفن بما هو رؤية للعالم Empty5th ديسمبر 2011, 00:57 من طرف احمد حرشاني

» شواهد من اقوال الفلاسفة عن الصورة
الفن بما هو رؤية للعالم Empty5th ديسمبر 2011, 00:53 من طرف احمد حرشاني

التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني

الفن بما هو رؤية للعالم

اذهب الى الأسفل

الفن بما هو رؤية للعالم Empty الفن بما هو رؤية للعالم

مُساهمة  احمد حرشاني 5th أكتوبر 2010, 12:52

الفنّ بما هو رؤية للعالم

الأستاذ: محسن الميلي
إجلاء لكيفيّات حضور الإنسان في العالم . نقارب مسألة الرّؤية الفنيّة. عديدة هي المسائل التي يثيرها الفن ويتناولها المبحث الإستيطيقي أي علم الجمال .
من هذه المسائل البحث في القيمة الجمالية : هل الجمال قيمة موضوعية متعالية على الذات قائمة في الأشياء ذاتها أي في الطبيعة أو في عالم العقل والمُثُل ِ ، أم أن الجمال قيمة ذاتية تُضفيها الذات الإنسانية على ما تتمثلُه في الطبيعة وما تبدعه من أعمال فنية ؟
ومن هذه المسائل أيضا المتعة الجمالية أي كيفية تقبُّلِ العمل الفني والحكم على جماليته : هل توجد معايير موضوعية مُتَّفَقُ ُ عليها على غرار براهين العلم ، أم تبقى المتعة الجمالية مسألة ذوقية ذاتية لا مقاييس موحَّدة بشأنها ؟
وقد يتجه الاِهتمام أيضا إلى تحليل خصوصيات التجربة الفنية ومميزاتها: هل هي تجربة فكرية واعية ، أم هي إشباع لرغبات نفسية لا واعية ؟ هل هي تجربة عقلية أم حسية اِنفعالية ؟
أو ربما طرحنا مشكلة أقرب إلى الاِهتمام التقني الأكاديمي فنستغني عندئذ عن الأسلوب الفني وعن علاقة الشكل بالمضمون في العمل الفني ؟
و لا يمكننا التطرق لمختلف هذه المسائل المتمايزة والمتداخلة بل سنمحور مداخلتنا هذه حول الفن بما هو رؤية للعالم . ولكن هل من البديهي الإقرار بأن الفن رؤية للعالم ؟
قد يبدو هذا الإقرار في الواقع مُلَتبسا فلا هو واضح ولا هو بديهي ذلك أن عامة الناس لا يفهمون الفن عموما إلاّ على أنه الغناء والطرب أو على أنه الشعر والمسرح والتصوير والنحت، أو يفهمونه في أحسن الأحوال على أنه تعبير عن مشاعر وعواطف إنسانية أو قضايا اِجتماعية،هذا إن لم يقتصر فهمهم على أنه مجرد تسلية وترفيه . وقد يكون من السهل علينا أن نتصور مثلا أن الفلسفة والعلم والدين تفسيرات ورؤى للإنسان والعالم ولكن قولنا عن الفن إنه رؤية للعالم يبقى مع ذلك غامضا.
فإذا أردنا أن نجلُوَ هذا الغموض لَزِمَ بَدْءا أن نطرح على أنفسنا هذه التساؤلات :
- ما الفن ؟
- بأيّ معنى يكون الفن رؤية للعالم ؟
- ما هي الخصوصيات التي تميز هذه الرّؤية ؟
1 ) ما الفن ؟
إذا بحثنا عن الدّلالة اللّغويّة الاشتقاقيّة لهذا اللّفظ فإنّنا نجد أنّ الفنّ ، فيما يقول صاحب لسان العرب ، هو واحد الفنون وهي الأنواع و الضّروب. وفنّن الرّجل رأيه إذا لوّنه و لم يثبت على رأي واحد. والفنّان من يأتي بفنون. والأفانين هي الأساليب و أجناس الكلام و طرقه. و إذا رجعنا إلى "الفارابي" أو "أبي حيّان" وجدنا الفنّ دالاّ على الصّناعة الإنسانيّة التي تنضاف إلى الطّبيعة ، تكيّفها أو تستكملها و تعيد تشكيلها وفق ما يمليه العقل و الشّعور و الحاجة . وأمّا في اليونانيّة و اللاّتينيّة فيشير لفظا Techné وArt إلى جملة المهارات و الصّناعات و الممارسات التي يؤدّيها الإنسان وفق القواعد و طبقا لأساليب تفترض معرفة . وتندرج في هذا المجال كلّ الصّناعات الإنسانيّة المضافة إلى الطّبيعة من صناعات مهنيّة و إنتاجات مادّية تقنيّة و معارف علميّة ، أي أنّ لهذا اللّفظ دلالة عامّة تتّسع لسائر منتجات الثّقافة الإنسانيّة إذا عرّفنا الثّقافة على أنّها "كلّ ما يضيفه الإنسان إلى الطّبيعة" .
غير أنّنا نلاحظ أنّ هذه الدّلالة قد أصبحت أكثر تخصيصا في الاستخدام الحديث ، فالفنّ فيما يقول صاحب المعجم التّقني و النّقدي للفلسفة (لالاند) يشير إلى " كلّ إنتاج للجمال يتحقّق في أعمال كائن واع ". نفهم من هذا التعريف أنّ الفنّ لا يشير إلى كلّ إنتاج بل إلى إنتاج الجمال فحسب، بمعنى أنّه يُقصِر دلالته على الأفعال الإنسانيّة التي تقصد تحقيق قيمة معيّنة هي القيمة الجماليّة . و من هنا أصبحنا نتحدّث اليوم عن علم الجمال أو الجماليّة أو الإستطيقا. و هذا المصطلح الأخير مشتقّ من اليونانيّة aïsthesis بمعنى الإحساس ليدلّ أوّلا على دراسة المعرفة الحسّية لدى( كانط ) و ثانيا على التّفكير في الجمال أي على ذلك العلم الذي يهتمّ بدراسة الإحساس بالجمال و الذّوق الفنّي و يسعى إلى إنشاء نظريّة في الجمال كما أشار إلى ذلك "هيقل" في مدخل كتابه عن الإستطيقا. يبدو لنا أنّ تعريفاتنا السّابقة ساهمت في توضيح مفهوم الفنّ من حيث أنّه نشاط إنساني يضيفه الإنسان إلى الطّبيعة بهدف التّعبير عن الجمال أو إثارة الشّعور بالجمال أو إنشاء ما هو جميل . و لكنّنا نلاحظ أنّ الفنّ يتنزّل أيضا في سياق تاريخي و اجتماعي و أنّه لا يتعلّق بذات متعالية بل بذات منخرطة في شروط وجودها الواقـعي الاقتصادي و السّياسي. إذن ، ضمن هذا السّياق المزدوج من علاقات الفنّ بالطّبيعة و بالواقع الاجتماعي يتضح معنى حديثنا عن الفنّ بما هو رؤية للعالم : فهو منظور للطّبيعة و منظور للوجود الاجتماعي.
و في إطار هذا الأفق ننزّل تحليلنا للتجربة الفنّية .
فعلى أيّ نحو يُقبل الفنّان على العالم ؟ بأيّة عين يراه ؟ و كيف يحقّق حضوره فيه ؟
لتحليل هذه المسألة اِرتأينا مقاربتها من وجهين :
في البداية نبيّن خصوصيّة العين الفنيّة بما هي المؤسّسة للرّؤية.
وفي مرحلة ثانية نثير قضيّة الإبداع الفنيّ أي الطابع الخلاّق الذي يكشف عن خصوصيّة حضور الفنّان ولا يخفى علينا ما بين هذين الوجهين من تداخل و تكامل فلا نفصل بينهما إلاّ لغرض منهجي.
2 ) ماذا عن خصوصيّة العين الفنيّة ؟
إذا سلّمنا بأنّ كلّ الرّؤى و الإنتاجات الرّمزيّة التي أنشأها الإنسان قصد التّواصل مع العالم تعبّر عن كيفيّات مختلفة في الفهم والتّأويل والمعرفة و التغيير، فإنّنا نجد الفنّان يدّعي أنّ منظوره أقرب إلى رؤية العالم على حقيقته والنّفاذ إلى أعماقه .فالفنّ في رأيه أعمق رؤية تصل الإنسان بالعالم .
وإذا اِستثنينا المنظور الأفلاطوني الذي يرى في الأعمال الفنيّة محاكاة للموجودات الحسيّة التي ما هي بدورها في الأصل إلاّ ظلال تحاكي الموجودات الحقيقية أي المثل العقليّة المتعالية ، وبالتّالي لا ينتج الفنّان إلاّ صورا و مظاهر وهميّة أي جمالا زائفا ( أي جمالا فنيّا يحاكي جمالا طبيعيّا حسيّا هو بدوره يحاكي جمالا مثاليّا حقيقيّا فيكون الفنّ محاكاة للمحاكاة )، إذا اِستثنينا هذا المنظور فإنّ عديد الاِتّجاهات في الفنّ الحديث خاصة تؤكّد أن ّللفنّ قدرة على النّفاذ إلى الحقيقة.
يقول بول كلي " لا يعيد الفنّ إنتاج المرئي بل يجعل اللاّمرئي مرئيّا".
الواقع انّ هذا القول يتضمّن تعبيرا دقيقا وعميقا لخصوصيّة العين الفنيّة من جهة أنّ الفنّ رؤية تصل الإنسان بالعالم. ولتوضيحه ننطلق من التّصوّر السائد للواقع . فحسب هذا التّصوّر يتماهى الواقع مع الظّاهر ، و يتوافق الظّاهر مع المحسوس أي مع ما يظهر أو المظهر فنميل بالتّالي إلى الاِعتقاد بأنّ حقيقة العالم تكمن في ما يظهر لحواسنا منه وفيما هو معطى أي في " المرئي " لعيننا الحسيّة (النّظر أو البصر). وعلى النّقيض من هذا المنظور الحسّي الذي لا يدرك إلاّ المظهر ، يبيّن بول كلي أنّ الفنّ يخترق هذا المظهر و المحسوس و المعطى ،فهو " يخترق الأشياء و ينفذ إلى ما وراء الواقع " مفهوما بهذا المعنى السّابق . فأين تكمن إذن حقيقة الواقع ؟ ينبغي البحث عن هذه الحقيقة فيما وراء الظّاهري و المعطى و المحسوس ، في ما هو خفيّ و لا مرئي، حقيقته ليست في الأشياء . يبدو أنّ الفنّ الحديث يشكّكنا في تصوّرنا السّاذج " للواقع" ، ذلك التّصوّر الذي يشيّئ الواقع . فهذا الواقع المتشيّئ لا ندرك منه عديد الدّقائق الخفيّة اللاّمرئيّة و مع ذلك لا يمكننا الزعم بعدم وجودها لأنّنا لا نقدر على معاينتها بحواسّنا،فدور الفنّ إذن هو في أن يظهر ذلك الجانب اللاّمرئي الذي لا يظهر من الواقع .
والفنّ يشكّكنا كذلك في تمثّلاتنا الرّمزيّة للواقع . فنحن ندرك العالم من خلال اللّغة التي اِكتسبناها و التي تنسج لنا منظومتُها منظوريتَنا باعتبار أنّ كلّ رؤية للعالم رؤية لغويّة كما يقول " غادامير".وهذا أيضا ما أوضحه برجسون في تحليله النّقدي للّغة بوصفها وسيطا بين الإنسان والعالم حيث تكون اللّغة شاشة تكيّّف علاقتنا بالعالم و تمنعنا من النّفاذ إلى حقيقته . ولكن كيف يمكّننا الفنّ من اختراق هذه الشّبكات الرّمزيّة و التّمثّلات السّاذجة لإدراك ذلك اللاّمرئي و إظهاره؟
يتعلّق الأمر- كما يقول برجسون- بأسلوب آخر في الإقبال على العالم أسلوب قوامه الحدس إذ الحدس وحده القادر على إدراك المطلق أي حقيقة الواقع اللاّمرئيّة ، يقول برجسون :
«إنّ ما هو مطلق لا يمكن أن ينكشف لنا إلاّ عن طريق الحدس(...) و نحن نطلق لفظ الحدس على تلك المشاركة الوجدانية التي بمقتضاها ننفذ إلى باطن أي ّموضوع لكي نتطابق مع ما في ذلك الموضـوع من أصـالة فريــدة و بالتالي مع ما فيه من فرديّة لا يمكن التّعبير عنها « . و يضيف قائلا : "و من هنا فان الحدس يعني – أوّلا وقبل كلّ شيء – الشّعور :« ولكنّه شعور مباشر أو هو رؤية لا تكاد تتميّز عن الموضوع المرئي أو معرفة هي في صميمها تماسّ ، إن لم نقل إنّها تطابق و اتّفاق « (الفكر و المتحرّك -ص 27)
ولكن إلامَ يتّجه الحدس الفنّيّ ؟ ما موضوع هذا الإقبال القصدي الحدسي على العالم ؟
إنّ ما يستهدفه الحدس الفنّي إدراك حقيقة الواقع . و لكن أيّة حقيقة؟ هل معنى هذا أنّ الفنّ معرفة تماما كالعلم أوأنه تأمل كالفلسفة مادام العلم و الفلسفة ينشدان الحقيقة أيضا ؟
تتميّز الرّؤية الفنّية حسب برجسون باختلافها عن الرّؤية العلمية. فالرّؤية العلمية تتوسط الرّموز اللغوية المجــردة و تقوم على التحليل الذي يجزّئ الواقع ثم يعمل على التعميم بردّ الظّواهر و العناصر إلى قوانين عامة .وأما الحدس فيدرك الكل بشكل مباشر أو تأليفي .هذا الكل أو المطلق يتجلّى للفنّان في صورة ديمومة و إبداع لا متناه وحقيقة خصبة متحركة تفيض على ذاتها باستمرار .
وعلى غرار برجسون يبيّن ليونار دي فنشي أن هذه العين الفنية عين جمالية تحدس جمالية الطبيعة . وتتمثّل الجمالية أولا في ما في الطبيعة من أشكال التناسب و التناغم و الانسجام و التوازن، كما تتمثل أساسا في ذلك الرّوح المبدع الذي يسكنها فيجعل منها تجليا لتنوع خلق لا متناه . و بيّنٌ أنّ هذه الحقيقة الجمالية – إن جازت العبارة- ليست مطابقة لحقيقة العلم الرياضة الصورية أو الفيزيائية التجريبية ، و لا لحقيقة الفلسفة العقلية (المفهومية) المجرّدة ، إضافة إلى كونها مغايرة تماما للحقيقة الحسية ممثلة في تلك التمثلات الواقعية السّاذجة. ولكن وجب التأكيد هنا أن هذا الإقبال الجمالي الحدسي على العالم يقتضي من جهة أخرى "نسيانا"بعبارة هيدجر ،
و" اِستبعادا لكل ما يحجب عنا الحقيقة و الواقع لكي نكون وجها لوجه مع الواقع ذاته " بعبارة برجسون . ومعنى هذا حرص الفنان على الإقبال على النسيان ، النسيان الإرادي لتلك التمثلات والدوافع التي تحول دون اِنفتاحه على الوجود في حقيقته الأصلية . فإذا كان المعنى الأساسي للفن يتمثل في وظيفته الكاشفة للوجود كما يقول كارل ياسبرس ، فإن وظيفة الكشف تشترط خرقا لتلك الحجب التي نسجتها دوافعنا النفعية والمادية المتمثلة في "الإنسان الصانع" الذي لا ينظر إلى الطبيعة إلا من جهة ما يفيده منها فيختزلها في تلك الحاجات والوسائط فيظل لا واعيا بحقيقتها اللامرئية التي هي أصلها وأصالتها .
وبهذه الطريقة يغير الفن منظورنا للعالم ويؤصّله ، وفي الآن ذاته يغير منظور الإنسان لذاته . فهو يتجاوز مظهر العالم المعطى والمحسوس والمرئي لينفتح على ذلك اللاّمرئي قصد إظهاره، وبهذه الحركة يتجاوز الفنان تصوّرا فقيرا لذاته يقلّصه إلى " كائن حاجة " لينفتح على أبعاد روحية كامنة فيه قصد إظهارها ونعني بها وعيه بأنه كائن مبدع : ففي الفن يكتشف الإنسان ذاته مبدعا .
3 ) فيم تتجلى هذه الإبداعية التي هي معنى آخر للجمالية ؟
سمح لنا التحليل السابق لخصوصية العين الجمالية بالوعي بضرورة إعادة فهمنا لمعنى الواقع والواقعية والحقيقة ليصبح الخياليّ وجها آخر للواقع بل لعلّه أكثر واقعية من الواقع أي لعلّه أقرب إلى حقيقة الواقع من الواقع المعطى.
ففيم يتجلّى هذا الطابع الإبداعي في التجربة الجمالية ؟
- ليس الفن نسخا للواقع واِنتساخا ولا محاكاة له : وقد بيّن "هيغل" مثلا ما يترتب عن نظرية المحاكاة من نتائج تنفي الجمالية ذاتها. من ذلك مثلا أن إعادة الفنان إنتاج شيء له وجود سالف في الطبيعة يحوّل هدف الفن إلى مجرد نشاط شكليّ سطحيّ ، وأن الفنان بهذه الطريقة لا يعبّر عن تحرّره من الضرورة الطبيعية بل يبقى خاضعا لها وهو ما يتنافى مع الإنسان من حيث هو عاقل وحرّ .
- ومن جهة أخرى إذا كان الفن محاكاة للواقع الإجتماعي فإنه يتحول إلى تبرير لما هو كائن وإلى أداة طيّعة لإضفاء عقلانيّة على واقع تحكمه اللاعقلانية أي العنف والاِستغلال .
- إن معاينتنا للآثار الفنية تُوقِفُنَا على ما يتميّز به كلّ أثر من خصوصيّة وتفرّد وأصالة تجعله ناطقا عن ذاتية
متفرّدة. ذلك أنّ العمل الفنّي هو عموما نسيج مختلف عن غيره ، لا يمكن ردّه آليّا إلى مثال سابق في الطّبيعة ، و لا اعتباره انعكاسا مرآويّا لأوضاع عصره . لا نعني بهذا أنّنا ننفي أن تكون في الفنّ عناصر مادّية أو مؤثّرات اجتماعيّة أو أنّه يخضع لقواعد ، فتلك عناصر و شروط حاضــرة فيه إلاّ أنّــها لا تشكـّل جوهره و خصوصيّته.
- إنّ الإبداعيّة في الفنّ إنشاء و تخيّل و إضافة و تشكيل جديد للطبيعة و للواقع الاجتماعي، و هذا ما يبرّر به البعض مماثلة الفنّان بالإله، و إن في حدود الطّاقة الإنسانيّة ، إلاّ أنّ لهذه المماثلة دلالة أخرى ، فالفنّان حين يبدع إنّما هو بمعنى من المعاني يستحضر أو يحاكي جمالا إلاهيّا، هو إبداع كلّه، فالإبداع الفنّي هنا محاكاة للإبداع الإلاهي. على هذا النّحو تبدو لنا التّجربة الفنّية تجربة جماليّة ترى العالم بعين جماليّة تتجاوز أفق الخـوف والخضــوع و إرادة التّحكّم قصد الكشف عن كينونة العالم و جلب الوجود إلى ضوء الحقيقة ( هيدجر)، حقيقة العالم و حقيقة الذّات الإنسانيّة. كما يبدو الفنّ تجربة متراوحة بين الواقع و المتخيّل ، بل لعلّ الفنّ على حدّ عبارة "ماركوز" » يتحدّى الواقع بخلق عالم خيالي يكون مع ذلك أكثر واقعيّة من الواقع ذاته « فإذاتساءلنا عن طبيعة واقعيّة الفنّ ألفيناها حس عبارة بعض الفلاسفة "واقعيّة بلا ضفاف" أي واقعيّة تنفتح على اللاّمتناهي . فلا يكون تعبيرها عن نفسها إلاّ إبداعا محرّرا للذّات.
يحرّرنا الفنّ من أن تستهوينا واقعيّة زائفة ضيّقة و يدعونا إلى الإنفتاح على الممكن و اللاّمتناهي . وقد قيل في الأمثال » تشير الإصبع إلى القمر ، فلا ينظر الأحمق إلاّ إلى الإصبع « .
احمد حرشاني
احمد حرشاني
Admin

عدد المساهمات : 475
تاريخ التسجيل : 22/07/2010
العمر : 51
الموقع : تونس

https://philobactounis.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى