الفلسفة في الباكالوريا
مر

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الفلسفة في الباكالوريا
مر
الفلسفة في الباكالوريا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» العمل: النجاعة والعدالة
الدراسة المسترسلة لكتاب التاملات الميتافيزيقية ديكارت Empty2nd يونيو 2013, 05:24 من طرف nadhem

» إلى أين تسعى ياجلجامش؟
الدراسة المسترسلة لكتاب التاملات الميتافيزيقية ديكارت Empty27th سبتمبر 2012, 01:21 من طرف احمد حرشاني

» لست أدري! لست أدري!
الدراسة المسترسلة لكتاب التاملات الميتافيزيقية ديكارت Empty27th سبتمبر 2012, 01:14 من طرف احمد حرشاني

» تلخيص مسالة الخصوصية والكونية
الدراسة المسترسلة لكتاب التاملات الميتافيزيقية ديكارت Empty5th ديسمبر 2011, 01:04 من طرف احمد حرشاني

» شواهد فلسفية: الانية والغيرية
الدراسة المسترسلة لكتاب التاملات الميتافيزيقية ديكارت Empty5th ديسمبر 2011, 01:03 من طرف احمد حرشاني

» شواهد :الانظمة الرمزية
الدراسة المسترسلة لكتاب التاملات الميتافيزيقية ديكارت Empty5th ديسمبر 2011, 01:02 من طرف احمد حرشاني

» شواهد :الانظمة الرمزية اللغة
الدراسة المسترسلة لكتاب التاملات الميتافيزيقية ديكارت Empty5th ديسمبر 2011, 01:02 من طرف احمد حرشاني

» شواهد :الانظمة الرمزية المقدس /الأسطورة
الدراسة المسترسلة لكتاب التاملات الميتافيزيقية ديكارت Empty5th ديسمبر 2011, 00:57 من طرف احمد حرشاني

» شواهد من اقوال الفلاسفة عن الصورة
الدراسة المسترسلة لكتاب التاملات الميتافيزيقية ديكارت Empty5th ديسمبر 2011, 00:53 من طرف احمد حرشاني

التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني

الدراسة المسترسلة لكتاب التاملات الميتافيزيقية ديكارت

اذهب الى الأسفل

الدراسة المسترسلة لكتاب التاملات الميتافيزيقية ديكارت Empty الدراسة المسترسلة لكتاب التاملات الميتافيزيقية ديكارت

مُساهمة  احمد حرشاني 12th أغسطس 2010, 03:16

الدّراسة المسترسلة لكتاب

التّأمّلات الميتافيزيقيّة

رينيه ديكارت

اشراف متفقّدة الفلسفة: هدى الكافي

عمل الأساتذة : أنيسة المرساوي

محرز بن صالح

الفـــــهــــرس

1- التّقديم:مبرّرات اختيار كتاب التّأمّلات الميتافيزيقيّة

2- تقديم الكتاب و الكاتب

3- توزيع العمل و المجموعات

4- التّأمّل الأوّل: كيف يتحوّل قرار الشّك إلى شرط لتأسيس العلم اليقينيّ’؟

ما هي دلالة الشّكّ؟

5 - التّأمّل الثّاني: أ- ما هي حدود الشّكّ الجذري؟

ب- كيف تمّ اكتشاف الذّات؟

ج- ما الذي يبرّر التّمييز بين النّفس و الجسد ؟

6- التّأمّل الثّالث: أ- كيف تم التّعرّف إلى الذّات ؟

ب- ما هو مصدر الأفكار – ما هي المعرفة الحقيقيّة للذّات؟

7- التّأمّل الرّابع:أ ما هي إمكانيّة الحديث عن علم يقينيّ ؟

ب- ما الفرق بين الحكم

و المعرفة ؟

8- التّأمّل الخامس: أ - كيف تمّ القطع مع الشّكّ نهائيّا؟

9- التأمّل السّادس: أ- كيف نميّز بين النّفس والجسد؟

ب- ما هي العلاقة بين النّفس و الجسد ؟

10- الإشتغال على معاني:الذّات، النّفس ، الوعي، الجسد ، العالم ، التّاريخ ، الاخر- الإنّيّة و الغيريّة



ما هي مبرّرات اختيار كتاب التّأمّلات الميتافيزيقيّة ؟

لا يتعلّق الأمر في هذا العمل بدرس في تاريخ الفلسفة ولابتعليق عن أثر فلسفي بقدر ماهو دعوة لمصاحبة فيلسوف في تأمّلاته مشاركته أسئلته ومن ثمّ الانخراط معه داخل رحلة اشكاليّة فيها في نفس الوقت درس في طرح الأسئلة وغنم في بلوغ الأجوبة ومتانة في التّسلسل المنطقي واكتساب لمهارة المنهج ولا أظن أن هناك أبلغ من فيلسوف "مقالة الطّريقةً"وقواعد المنهج ليكون مرجعا لهذا الهدف وليس الأمر هنا مجرّد ميل ذاتي بل هواستئناس في أثر فلسفي أن يكون في نفس الوقت قادرا على التّرغيب في المطالعة الفلسفيّة ولكنّه أيضا مجال لتوظيف ما تم اكتسابه توظيفا يكون قادرا على الارتقاء بالدّرس من مستوى التّقبّل الى مستوى التّأسيس ومن ثم استغلال هذه المعرفة بالأثر الفلسفي في الاختبارات الكتابيّة ولئن كان الاختيارموجّها لكتاب التّاّملات الميتافيزيقيّة للفيلسوف روني ديكارت فلكون هذا الكتاب يحمل من الغنم المنهجي و المعرفي ما يكون مادّة تقدّم للتلميذ اليّات العمل الفلسفي .

لكنّ جميع هذه المبرّرات لاتضاهي ما يمثّله ديكارت أوّلا و كتاب التّأمّلات ثانيا سواء في تاريخ الفلسفة أو في مدى اقترابه من البرنامج ففيلسوف الحداثة مثّل نقطة ارتكاز للفلسفة اللاّحقة حتّى أنّ مؤرّخي الفلسفة لم يتردّدوا في تصنيف الفلاسفة الى ديكارتيين و الى مناهضين لديكارت فسبينوزا وكانط وهيجل وليبنيتز أو ماركس ونيتشه وفرويد وهوسرل ومارلوبوني والوجوديّة والبنيوية.... كلّها فلسفات بنيت تحت تأثير فلسفةالذّات وهي في نفس الوقت مراجعة لماتمّ اقراره من خلال ما كان يعتبر بداهة داخل المتن الدّيكارتي ليتحوّل الى مساءلة وتصحيح مراجعة وتعميق محاورة و تدقيق وهو ما سيضعنا مباشرة أمام الدّافع الثّاني وهوما يمثّله كتاب التّأمّلات من قيمة داخل برنامج السّنة الرّابعة ذلك أن ثراء القاموس الدّيكارتي وقدرته على التّواصل مع غيره من المقاربات يمثّل احداثيّة يتمكّن التّلميذ من خلالها من أن يجد أرضا صلبة يقف عليها ومنطقا يساعده على أن يمتلك خيطا ناظما يمسك به ويتحرّك نظريّا من خلاله فالمعاني المدرجة في البرنامج خصوصا المتعلّقة بمسألةالإنّيّة والغيريّةيمكن أن تجد صدى لدى ما قدّمه ديكارت فمعنى الذّات أو الوعي أو الجسد أو العالم أو التّاريخ أو اللاّوعي هي معان يمكن قراءتها ديكارتيّا كما يمكن أن تؤسّس حوارا مع ديكارت وهو أمر سيحيلنا إلى سبب اختيار كتاب التّأمّلات ذلك أن هذا الأثريحمل من الكثافة المفهوميّة و المنهجيّة ما يؤهله لأن يضطلع بمسؤوليّة اعطاء التّلميذ مادة فلسفيّة تمكّنه لاحقا من توظيفها ومن استغلاله اوأن يتحرّك من خلالها عبر أفق فلسفي فيه السّؤل الذي يحرج وفيه الجواب الذي يتأسّس وفيه الحيرة التي تقض و فيه اليقين الذي يقدّم السّكينة لكنّها سكينة لن تروق للفلسفة لكونها ستواجه من يحرجها وتلتقي من يعيدها لنقطة البدايةأي إلى حيويّة السّؤال وحركيّة الإشكال إلى استمراريّة الطّرح ومنه إلى مشروعيّة التّفلسف لذا فإنّ هذا الإختيار هو دعوة لمصاحبة فيلسوف عبر كتاب تعطي إمكانيّة قراءة أثر فلسفيّ في كلّيّته وتجاوز الإقتصارعلى مقتطعات من النصوص



تقديم الكاتب و الكتاب

1-من هو رينيه ديكارت:

فيزيائي،رياضي،عالم،وفيلسوف ولد رينيه ديكارت يوم 31مارس 1596في لاهاي هو أحد ثلاثة أبناء لجواشيم ديكارت مستشار في البرلمان في مدينة رين والدته هي ابنة قاض في مقاطعة بواتييه لذا فاجتماعيّا ينتمي ديكارت إلى طبقة النّبلاء يؤكّد ذلك اسمه . ماتت والدته وهو لم يكمل عامه الأوّل ولمّابلغ السّادسة و العشرين وإثر تصفية ميراثه من أمّه وجد ما يمكّنه من أن يتفرّغ للمعرفة وأن لا يكون في حاجة للعمل لكون ما حصل عليه كفاه البحث عن الثّروة وهو ما كان أشار إليه في كتاب مقالة الطّريقة :لم أحسّ أبدا ،وبفضل اللّه ،اي دافع يجبرني على امتهان أيّ مهنة من العلم حتّى أضاعف ثروتي

في سنة 1606 يدخل ديكارت المدرسة اليسوعيّة وهو ما سيعطي لتكوينه ذلك الأثر الدّيني الذي سيظهر في كتاباته ولا يعني ذلك انخراطا كلّيّابل على العكس من ذلك تلك الثّورة التي سيشنّها ضدّ ما تدرّسه الكنيسة و خصوصا ما كان يظهر من تأثّر بالفلسفة الأرسطيّة . ومنذ سنة 1606 إلى سنة 1614 بأ ديكارت في دراسة اللاّتينيّة و اليونانيّة ثمّ الخطابة وفي السّنوات الأخيرة بداّ الإطّلاع على الفلسفة السكولاستيكيّة أ] فلسفة أرسطو كما وقع تطويعها حسب التّعاليم المسيحيّة في القرن 13 مع توما الإكويني ولكنّه لم يجد في ماكان يدرسه أيّ أهمّيّة رغم ما كان يظهر من كون المنهج المتبّع فرصة للحوار والنّقاش بين الطّلبة حيث تقام حلقات الحجاج والنّقاش لكنّه لم يرى في ذلك ما يدعو للإختلاف بل إنّ الأمر لا يعدو أن يكون مسايرة و اتّفاقا فقط كانت الرّياضيّات هي التي تستهويه إذ يقول في كتاب مقالة الطّريقة :إنّني لا أستمتع إلاّ في الرّياضيّات وذلك لبداهة و يقينيّة استدلالاتها .

وبعد سنوات من الدّراسة في جامعة بواتييه يبدأ ديكارت رحلته المعرفيّة كتابة و تدريسا وفي سنة 1619 بدا بالنّسبة إليه حلم توحيد العلوم والمعارف و بكونه هو الذي يجب أن يتصدّى لهذه المهمّة وكان بذلك اهتمامه بالرّياضيات و بعلم الفلك ثمّ بعلم المناظر .

سنة 1628كان أوّل كتاب باللآتينيّة –قوعد لتوجيه الذّهن- ومنه فكرة أنّ وحدة العقل البشري قادرة على تأسيس منهج كوني .

وعند انتقاله إلى باريس التقى ديكارت مارسان الذي كانت له مراسلات مع قاليلي هوبس وديكارت ومن ثمّ بدأت معه رغبة في مراجعة و تجديد التعاليم السكولاستيكيّة بل و دحضها و أن يؤسّس عوضا عنها ميتافيزيقا لها من الثّبات ما يملكه علم الرّياضيّات .

سنة 1640 كان ديكارت يستعدّ لنشر كتاب –العالم –لمّا أرسل إليه مارسان خبر محاكمة قاليلي الذي انتصر لما كان قدّمه كوبرنيك سنة 1543 من أنّ الأرض ليست مركز الكون و أنّها وبقيّة الكواكب تدور حول الشّمس .

سنة 1637 كتب ديكارت – مقالة الطّريقة –

سنة 1641 نشر ديكارت كتاب –التّأمّلات الميتافيزيقيّة –باللاّتينيّة وفي سنة 1647 ظهرت التّرجمة الفرنسيّة لكن من خلال مراجعة من ديكارت نفسه

سنة 1644نشر كتاب مبادئ الفلسفة

في 11 فيفري 1650 وفي ستوكهولم توفّي ديكارت إثر مرض رئوي نتيجة البرد

كتاب التّأمّلات :-التّقديم العام

1 – الإطار التّاريخي :

حتّى نفهم غاية كتاب الـتّأمّلات لا بدّ من إلقاء نظرة على ما كان يحصل في تلك الفترة التّاريخيّة على المستوى الإجتماعي و السّياسي و المعرفي بالخصوص ذلك أنّ اثار التّجديد و النّهضة بدأت تلوح شيئا فشيئا داخل إنتاجات العلماء و الفلاسفة رغم ما كان يتربّص لها من خلال سلطة الكنيسة و التّعاليم السكولاستيكيّة و هو ما حدث بالفعل ففي سنة 1633 حوكم قاليلي من أجل كتابه –حوار حول النّسقين الكبيرين للعالم –كان ذلك في شهر جوان لكن في نوفمبر من نفس السّنة تلقّى ديكارت نسخة من الكتاب من خلال مراسلة من بيكماندفعته لكي يتراجع عن نشر كتابه-رسالة في العالم و الضّوء أين كان يدافع عن نظريّة مركزيّة الشّمس وكان يرى أنّ ما كان ينقص قاليلي هو المنهج الذي بإمكانه أن يساعده على الدّفاع عن أطروحته ولم ينشر انذاك إلاّ ثلاثة اجزاء منه مع تصدير –كتاب :مقالة الطّريفة. و قرّر انذاك الإنطلاق في مشروع فلسفي رهانه بيان أنّ الفلسفة مدعومة من خلال سلطة الكنيسة عاجزة عن وصف العالم كما قدّمه العلم الحديث و يرى من خلال ذلك أنّ الميتافيزيقا التّي قدّمتها التّعاليم السكولاستيكيّة من خلال الفلسفة الأولى (فلسفة أرسطو) عاجزة عن مساعدتنا على فهم العالم و من هنا جاء العنوان ’تامّلات في الفلسفة الأولى ’. لذا فمن الضّروري تأسيس ميتافيزيقا جديدة تتلائم مع العلم الحديث.

2-غاية ديكارت من خلال كتاب التّأمّلات :

يمثّل كتاب التّأمّلات تجربة فلسفيّة فاستعمال كلمة التّأمّل التي لم تكن دارجة انذاك لم يكن صدفة بل هو رسم لسيرورة فكر لرحلة بحث و لغبة في المعرفة من خلال تجربة ذاتيّة تتحوّل إلى دعوة لمحاكاته وليس الأمر مجرّد قراءة لإثر أم الغاية من كلّ ذلك فهو إيجاد أسس صلبة يقيم عليها المعرفة :كان عليّ أن احرّر نفسي ولو مرّة في حياتي من كلّ الاراء التي كنت أعتقدها صحيحة من قبل إن كنت أريد أن أقيم في العلوم شيئا وطيدا و مستقرّا. وهنا مثل الشّك بالنّسبة إليه المنهج و الوسيلة التي ستدفعه إلى التّفاؤل بإمكانيّة النّجاح

3-تخطيط التّأمّلات الميتافيزيقيّة:

التّأمّل الأوّل :في الأشياء التي يمكن أن توضع مضع الشّكّ

التّأمّل الثّاني : في طبيعة النّفس الإنسانيّة وفي أنّ معرفتها أيسر من معرفة الجسد

التّأمّل الثالث : في بيان أنّ اللّه موجود

التّأمّل الرّابع: في الخطإ و الصّواب

التّأمّل الخامس : في ماهيّة الأشياء المادّيّة و في برهان أنّ اللّه موجود

التّأمّل السّادس : في وجود الأشياء المادّيّة وفي التّمييز الحقيقي بين النّفس و الجسد



الخطوات العمليّة للحصّة : توزيع العمل و المجموعات

لعلّ الإيجابي في كتاب مثل التّأمّلات الميتافيزيقيّة أنّه يحتوي على تقسيم يسمح بالإشتغال من خلال عمل المجموعات فالأجزاء الستّة تعطي إمكانية تقديم مهام يتولى ّ من خلالها كلّ فريق تقديم عرض بعد أن كان قد كلّف ببحث موجّه يتولّى من خلاله التّركيز علىاستخراج فكرة أو رصد حجّة أو متابعة استدلال وهو أمر لا يخلو منه كتاب الـتّأمّلات حيث يحضر السّؤل ويتلوه الجواب و تسنده الحجّة و يعمّقه الإستدراك ويدفع الـتّأمل بالفكر إلى الأمام وما حصّة الدّراسة المسترسلة إلاّ مناسبة لإنجاز هذه المهام التي يكون التّلميذ شريكا فاعلا في إنجازها شراكة لا تترك للأستاذ سوى مهمّة الإصلاح و التّوجيه لذا يبدو وأنّ هذه اللّحظة من الحصّة هامّة لكونه ستحدّد لاحقا سيرها ومدى نجاحها لكونها سترسم الأهداف البيداغوجيّة من خلال طبيعة المهام وسيكون الأمر على هذا النّحو :

المجموعة الأولى : تتولّى تقديم الكتاب و الكاتب تقديما مادّيّا و تاريخيّا

المجموعة الثانية : تتولّى التّعليق على التّأمّل الاوّل لكن مع أسئلة توجيهيّة مثال ما الذي دفع ديكارت لاتّخاذ قرار الشّك ؟

ماهي خصائص هذا الشّك و ما هي رهاناته ؟

المجموعة الثّالثة :تتولّى التّعليق على الـتّأمّل الثّاني : كيف يمكن معرفة ماهيّات الأشياء ؟ ما الذي يجعل معرفة النّفس أيسر من معرفة الجسد ؟ كيف ميّز ديكارت بين النّفس و الجسد؟

المجموعة الرّابعة : تتولّى التّعليق على التّأمّل الثّالث : ما هي الحجج التي قدّمها ديكارت لبيان أنّ اللّه موجود ؟ ما هي طبيعة هذه الحجج ؟

المجموعة الخامسة تتولّى التّعليق على التّأمّل الرّابع : ما الفرق بين الخطإ و الصّواب؟ ما هو مصدر الخطإ ؟ ما هي دلالة الإرادة ؟

المجموعة الخامسة تتولّى التّعليق على التّأمّل الخامس: ما هي دلالة الإمتداد ؟ ما هو الدّليل الجديد علىوجود اللّه (الدّليل الأنطولوجي)؟

المجموعة السّادسة تتولّى التّعليق على التّأمّل السّادس : ما الفرق بين النّفس و الجسد ؟ كيف تم التّخلّص نهائيّا من الشّكّ ؟



الـتّأمّل الأوّل

الهدف : استخراج دلالة الشّك سياقيّا وبيان الغاية منه داخل المشروع المعرفي

التّركيز على ماتمثّله المرحلة الطّفوليّة وما تتميّز به من انفعال لا يسمح باتّخاذ القرارت السّليمة لكون هذه الفترة تتميّز بالتّقبّل و التّلقين بالتّالي فإنّ مكتسباتنا في تلك الفترة يغلب عليها الإضطراب ويمكن أن تكون عرضة للشّكّ

إنّ كل ما يمكن أن يطاله الشّكّ هو خاطئ : قرار مسح الطّاولة

الحجج الدّاعمة للشّكّ : حجة الحواس الخادعة فبما أنّ حواسنا تخدعنا في كثير من المرّات فلا يمكن أن نميّز متى تكون خاطئة ومتى تكون على صواب لذلك يجب أن نضعها موضع شك .

حجّة الحلم ذلك أننا نرى في الأحلام أشياء تبدو لنا بيّنة الصّدق لكن ما ان نستيقظ ختّى نتبيّن أنّها خيال محض

حجّة الشّيطان الماكر حيث يكون الخطأ مجرّد تأثير من كائن شرّير يسعى لمغالطتي و لا يتردّد في إيقلعي في الخطإ

التّمشّي المنهجي :

يمثّل التّأمّل الأوّل مشروع تقويض و تهديم ذلك أنّ الأمر يتعلّق بتجاوز المرحلة الطّفوليّة و التّخلص من تأثيرات التّربية ومن سلطة الموروث التي لا علاقة لها بالمعرفة لذلك فإنّ الأمر بالنّسبة لديكارت هو قرار توجّهه رغبة في تأسيس العلم اليقيني لذلك كان يكفي بالنّسبة إليه أن نشكّ و لو مرّة في حياتنا .

هذا الشّك ليس صدفة و إنّما هو نابع من إرادة ارتأت أنّ الأمر يستوجب اتّخاذ قراريساعد على بلوغ الحقيقة و تجاوز ما تحمله المعرفة من اضطراب لذا سيبقى هذا الشّكّ نظريّا يتحرّك من خلال منهج حيث يتعلّق الأمر بالبحث عن سبيل يمكن من خلاله بلوغ الحقيقة الأولى لذلك فسيكون كلّيا لا يستثني أيّا من المعارف السّابقة والتي ستكون خاطئة ما لم نتبيّن أنّها على خلاف ذلك

لذا فسيبدأ الشّك بالحواس ذلك أنّ ما تقدّمه الحواس لا يمكنه أن يمثّل معرفة يقينيّة لذا فانّ ديكارت سيواجه منذ البداية خللا في المرجعيّات فكيف سنميّز بين الخطإ و الصّواب ؟ كيف لنا أن نجعل الخطأ يظهر على أنّه خطأ؟إنّ الخطأ الخطأ ليس إراديّا و الحقيقة هي التي بإمكانها أن تصمد أمام اي شك . لذا لم يعد اليقين هو ما يبدو بديهيّا لأوّل وهلة بل هو انبجاس الفكرة الحقيقيّة التي لا يمكن مقاومتها ,فالحلم يحملني إلى عوالم وهميّة و الحذر يفرض عليّ أن أتريّث و أن لا أثق في ما يقدّمه لي الحلم و أن أضعه هو الاخر موضع شك . ومن ثمّ سينتقل إلى مصدر معرفي أكثر تعقيدا يكون هدفا لشكّه حيث ستجد المعقولات نفسها في موضع اتهام إذ يجب على المعقولات أن تقوم بالنّسبة إليه على أسس سليمة و ليس على أحكام مسبقة.

التّمييز بين الشّيطان الماكر و الإله الخادع :هي فرضيّة اعتمدها ديكارت عندما تساءل عن مبرّر للوقوع في الخطإ ذلك أنّنا كثيرا ما نرجع أخطائنا إلى أسباب متعالية ففرضيّة الاله الخادع لم تدم طويلا ذلك أنه من غير المعقول أن يكون اللّه قد تسبّب في وقوعي في الخطإ لذلك سيتخلّى عنها ديكارت سريعا لاستبدالها بفرضيّة الشّيطان الماكر إذ من الممكن أن يكون هناك شيطان له من الخبث و المكر ما يمكّنه من أن يغيّر لي الحقائق لتبدو أخطاءا وهنا يعلن ديكارت صراعا ثنائيّا الأوّل مع الشّيطان الماكر الذي بإمكاننا منازلته أمّا الثّاني فمع اللّه و الذي يعتبر صراعا خاسرا منذ البداية لذلك سيتخلّى عنه ديكارت حيث أنّ اللّه بإمكانه أن يغيّر الحقائق إن أراد ذلك حتّى تلك الحقائق الرّياضيّة حيث بالإمكان أن اثنين و ثلاثة لن تساوي خمسة.

الـتّأمّل الثّاني

الهدف : التّعرّف إلى حدود الشّك وبيان كيف تم اكتشاف الذات ومن ثمّ ما الذي يجعل معرفة النّفس أيسر من معرفة الجسد ؟

إنّ عنوان التّأمّل الثّاني يعكس المشروع الإبستيمولوجي و الأنطولوجي الذي يسعى ديكارت إلى تأسيسه ذلك أنّه يعلن منذالبداية أنّه سيتابع السّير في طريق البحث إلى النّهاية حتّى يهتدي إلى شيء ثابت أو كما عبّر عن ذلك إلى أن يجد نقطة أرخميدس تكون قادرةعلى تحمّل عبء معرفة لا يطالها الشّك حيث أنّ ما يعانيه ديكارت الان هو اضطراب في المعرفة في حاجة إلى ما يدفعها إلى ثبات لا يتحقّق إلاّ مع العثور على حقيقة تكون حجة على وجود الحقيقة.

لذلك سيمرّ ديكارت إلى إعادة النّظر في مسار شكّه ليعلن فرضيّة ستمثّل لاحقا فرصة لتجاوز الشّكّ حيث لم يعد هناك شيء ثابت فالحواس و الجسم و الشّكل و الحركة و الإمتداد و المكان ليست سوى أوهام و بالفعل لا يوجد شيء ثابت ولكن داخل هذا الشّكّ لا يمكن سحب الشّكّ على الوجود إذ من لضّروري أن من يشكّ لا بدّ أنّه موجود وهو أمر له من اليقين ما يرتفع به عن طائلة الشّك

إنّ إقرار حقيقة الوجود تستلزم في نفس الوقت البحث عن طبيعة هذا الموجود أو كما عبّر عن ذلك ديكارت أن نبحث أيّ شيء نحن أو أن نطرح علنا سؤال ما هو الإنسان هذا السّؤال ليس سؤالا من الأسئلة التي يكون جوابها يسيرا ذلك أن المتداول هوذلك التّعريف :الإنسان حيوان عاقل لكن هذا التّعريف لا يفي بالحاجة ذلك أنّه يحتاج هو الاخر إلى تعريف الحيوان والعاقل ومنه السّقوط في تسلسل أكثر صعوبة و أكثر تعقيدا على مستوى التّحديد ففي مرحلة أولى يكون الجسد هو المجال الذي يقع من خلاله تعريف الإنسان فمعرفتي بذاتي هي في البداية معرفة مادّيّة فالجسد هو فاعليّة و حياة ويبدو وكأنّ معرفته أيسر من معرفة النّفس فالإنسان نفس مرتبطة بالجسد ذا السد يعرف من خلال خصائصه الأوّليّة و من خلال خصائصه الثّانويّة أمّا الخصائص الأوّليّة فهي خصائص الجسم الماديّة و التيتدرك بسهولة (التّمدّد و عدم النّفاذ)أمّا الخصائص الثّانويّة فهي الخصائص التي لا تتغيّر و هي حسّية و ذاتيّة .وعلى عكس لجسد الذي ينتمي إلى مجال العطالة المادّية فالنّفس هي المسؤولة عن الحياة و عن التّفكير وعن الحركة .

من خلال الشّكّ فإنّ التّجربة الحسّيّة لا تقدّم لنا شيئا عن النّفس فهناك صورة مغايرة للأنا ، فالأنا الذي انتهى إليه ديكارت يقصي كلّيّا الجسد فلست جسدي إذن هل أكون نفسا ؟ إنّ فكرة النّفس لازالت غامضة إلى الان لذا سيعود ديكارت إلى مسألة الوجود فيقين ,أنا كائن أنا موجود التي تتواصل طيلة لحظات التّفكير :فوجودي يتحدّد عندما يكون فكري بصدد التّفكير فأنا على يقين الان أنّني شيء لا علاقة له بالجسم على مستوى التّحديد لذا يصبح من الشروع أن نتساءل ما هو هذا الشّيء الذي يفكّر ؟

إنّ هذا السّؤال الذي طرحه ديكارت سيدفع إلى معرفة الذات بما هي شيء يشكّ و يفكّر ينفي و يثبت و يريد و يتخيّل و لكنّه أيضا يحسّ ، إنّ كلّ هذه المظاهر تعود أساسا للفكر بما هو إحالة مباشرة للأنا أو الذّات و الذي لم يتمكّن الشّكّ من إقصائه والذي يكون في نفس الوقت متميّزا عن الجسم تميّز كان لتجربة الشّمع دور في تأكيده ذلك أن السّؤال الذي واجه صاحب التّأمّلات هوما الذي يميّز النّفس عن بقيّة الأجسام ؟ و الوسيلة التي قد تساعد على الإجابة هو إخضاع الجسم إلى تجربة تكون قادرة على أن تكشف خصائصه فأخذ قطعة شمع و بيّن أنّها تحمل الخصائص الحسّية إذا ما تأمّلنا بمعنى أنّها لا شكل و طعم ولون و رائحة و صوت إذا ما نقنا عليها و لكن هل أنّ هذه الخصائص هي فعلا خصائص الجسم فإذا كان الأمر كذلك لا بدّ أن تصمد هذه الخصائص و لا تتغيّر لكن إحراق قطعة الشّمع تبين أن جميع هذه الخصائص الأوّليّة قد زالت ولم يبق من القطعة إلاّ شيء واحد هو الإمتداد فكانت النّتيجة أنّ الجسم هو جوهر ممتدّو هو أمر يعود للذّهن بالأساس حيث أنّ الإمتداد هو فكرة أكثر ممّاهو واقعة نحن نتذهّن الإمتداد و ندركه أكثر ممّا نحسّه .



التّأمّل الثّالث

الهدف : كيف تمّ الـتّعرّف إلى الذات؟

في هذا المستوى من الكتاب يعود ديكارت إلى مشروعه الأنطولوجي في محاولة لرسم ملامح الذّات كما قد بيّنها التّأمّل الثّاني فالذّات التي تعرف نفسها الان تنغلق عن كلّ ما هو خارجي عنها و ترفض أن تكون تجربة الإنفتاح على العالم الخارجي وسيطا يعيدها إلى ذاتها فهل أنّ الإنسان فعلا وحده مع ذاته ؟ بالفعل فبالنّسبة لديكارت يكفي أن ينثني الإنسان عل ذاته حتّى يلوح له يقين وجوده وبالتّالي يجب استثمار هذا الإنغلاق و هذا اليقين المتعلّق بالوجود الذي سيكون نقطة أرخميدس التي تؤسّس لإمكانيّة علم يقيني و التي ستتولّى لاحقا استعادة العالم لكن هل بالإمكان تقويض هذا الإنغلاق ؟.

إنّ تحليل هذه المعرفة بالذات يتمثّل في اختبارالأفكار و التّمثّلات حتّى نضمن يقينيّتها و حقيقتها فبما أنّني شيء يفكّر ألا يكون ذلك حجة على أمكانيّة اعتماد هذا اليقين ليكون نموذجا تصاغ على شاكلته بقيّة الحقائق ؟إنّ هذه المعرفة الأولى لها من الخصائص ما يجعلها بالفعل يقينيّة لكن ما هو مقياس اليقين ؟ إنّه بالنّسبة لديكارت توفّر خاصّيتين :الوضوح و التميّز فهذا الأنا أفكّر يملك من البداهة ما يجله يقينيّا أي واضحا و متميّزا ومن هنا سينتقل ديكارت إلى اختبار العالم على ضوء النّتيجة الأولى التي كان الفكر حجّتها الأولى فالوجود هنا سيتحوّل إلى لحظة يعبّر عنها يقين الفكر:أنا أفكّر إذا أنا موجود هذا يقينيّ لكن إلى متى قد يحصل أنّي متى انقطعت عن التّفكير تماما انقطعت عن الوجود بتاتا .إنّ ما كان يسم اللّحظة الدّيكارتيّة الأولى هو عودة مطقة للّذات لكن الان بمقدر هذه الذّات أن تبدأ لحظة انفتاح و اختبار تقوّض ذلك الإنغلاق الذي فرضه المنهج و الذي سيتولّى لاحقا إعادة تنظيم العالم على أساس الحقيقة التي لا تزعزها فروض الرّيبيّين مهما يكن فيها من شطط و سيكون لفرضيّة الاله المخادع دور محرّك سرعان ما سيتراجع عنه ديكارت ليستبدله بفرضيّة الشّيطان الماكر هذه الفرضّية ستبرّر الخطأ و ستعطي ضمانا لإمكان صمود الحقيقة ليبرز اإله الضّامن للحقيقة هذا الاله الإبستيمولوجي الذي سيعتمده ليكون سندا لثبات الحقيقة و يبقى الهمّ الدّيكارتي هنا مواصلة العمل على تجاوز هذا الإنغلاق و الإنثناء الذي بدا في هذا المستوى دافعا بديكارت خارج العالم وليلوح سؤال يتعلّق بمصدر الأفكار :هل توجد فكرة لا نكون نحن سببها ؟ وهنا لا بدّ أن يكون هناك مصدر خارجيّ يتولّى مهمّة إنتاج هذه الأفكار,فمن الممكن أن نفهم طبيعة أفكارنا على طريقتين : فإمّا أن تكون هذه الأفكار طريقتنا في اتّفكير فهي تنبع منّا وهي كذلك صدى يترجم عقلنا من خلال التّمثّلات لكن توجد أيضا الحقيقة الصّوريّة للأفكار وبالتّالي يمكن أن نصنّف لأفكار تراتبيّا تبعا لحقائقها الموضوعيّة و بحسب موضوع الفكرة و الذي وعبر التّمثّلات سيكون داخل الفكرة و هنا ستكون فكرة الإله كجوهر لا متناهي أكثر الأفكار التي تملك حقيقة موضوعيّة .

إنّ فكرة الإله ستكون سببا لإدراك تناهي الإنسان ذلك كونه و من خلال قياس منطقيّ ينتهي ديكارت إلى إعلان حقيقة وجود الإله :أنا أفكّر إذن أنا موجود ,أنا كائن ناقص ,عندي فكرة الكمال , إذن اللّه ككائن كامل موجود.



التّأمّل الرّابع

الهدف: في إمكانيّة الحديث عن علم يقينيّ و تجاوز الخطإ

في اخر التّأمّل الثّالث كان ديكارت قد اكتشف فكرة الإله بما هي فكرة كلّية و في نفس الوقت كانت حقيقة منطقية و بالتالي كان في صلب المعقوليّة ذلك أنّ هذه الفكرة هي أوضح حتّى من فكرة الأنا لكونها قد أسهمت في ذلك المشروع الإبستيمولوجي الذي قرّر ديكارت أن يؤسّسه و نعني بذلك أمكانيّة علم يقينيّ و متكامل ففكرة الإله أعطت للمعرفة سندا يضمن استمرارها و يقينيّتها إذ لم يعد الأمر متعلّقا بمعرفة ذاتيّة بقدر ما أصبح بالإمكان إنتاج معرفة موضوعيّة فالخطأ هو أمر ممكن ذلك أن طبيعتنا الإنسانيّة ليست من طبيعة الإله الذي يكون بالضّرورة في منحى عن الخطإ من ناحية و من ناحية ثانية فمن المستحيل أن يكون اللّه وراء و قوعنا في الخطإ في التّأمّل الأوّل رفض ديكارت فكرة الاله المخادع لأنّ اللّه بطبيعته طيّب و لا يجوز أن يكون سببا في دفعنا للخطإ فالخداع ضعف في حين أنّ اللّه له من القوّة ما يجعله غير قادر على أن يخدع و الخداع بالنّسبة لديكارت نقص لا يمكن أن يكون من خصائص الإله و السّبيل الذي يقينا هو اعتبار أنّ اللّه منحنا عقل إذا ما أحسنّا استعماله فإنّنا لن نخطئ و هنا ظهر الإرادة التي ستكون تعبيرا عن الحرّيّة التي لا يتردّد ديكارت في اعتبارها هبة الهيّة فما نطلق عليه عدم المبالاة هو من أحطّ درجات الحرّيّة ذلك أنّ عقم ما تنتجه في مجال المعرفة لا يعكس خصوصيّة اراديّة إنسانيّة بقدر ما يعكس امتناعاعن تحمّل المسؤوليّة في الحكم لذا يجب أن نعترف أنّ الإدراك و الإرادة ليسا مسؤولين عن الخطإ بل أنّ الأمر يتعلّق هنا ب عدم استعمالهما بطريقة سليمة و كأن ديكارت هنا يستعيد ما كان أكّد عليه في قواعد المنهج من أن سبب الخطإ ليس إلاّ سوء استعمال للعقل فالمعرفة اليقينيّة هي ما ينتج تبعا للإرادة و بكلّ حرّيّة و ما يكون بديهيّا أي واضحا و متميّزا

التّأمّل الخامس

الهدف : في دلالة الإمتداد و التجاوز النّهائي للشّك

إلى حدود هذا المستوى من التّأمّلات لم يستطع ديكارت رفع الشّكّ إلاّ فيما يتعلّق بالذّات من خلال الكوجيتو أو فيما يتعلّق باللّه قيما يتعلّق بإثبات الكمال بقي أن ينتهي الشّك فيما يتعلّق بالحقائق العقليّة ثمّ يرفعه عن الأشياء المادّيّة وهو أمر رأى ديكارت أنّه يستوجب منهجا منظّما و نظاما لا بدّ من اتّباعه إذ يجب أن نفهم جوهر الأشياء المادّيّة بمعنى كيف تكون هذه الأشياء المادّيّة ممكنة بالنّسبة لفكرنا كإمكانيّة و ليس كواقع فحقيقة الجواهر تخضع أيضا إلى مقياس الوضوح و التّميّز لأنّ كل ما يخضع إلى هذا المقياس هو بالضّرورة صحيح ففيما يتعلّق بالأشياء المادّيّة فإنّنا لا ندرك منها إلاّ الخصائص الثّانويّة أي ما يكون خاضعا لطائلة الحسّ في حين أن الخصائص الأوّليّة هي خصائص عقليّة وهي وحدها التي تملك ميزة الوضوح و التّميّز و هو ما يؤسّس حقيقة هذه الأشياء المادّيّة و جوهرها الذي لا يفهم من خلال الوجود الفعليّ المادّي بقدر ما يفهم عن طريق ملكة الّتّذهّن و هنا يصبح الإمتداد كما سيبيّن ذلك ديكارت التّعبير الوحيد عن ماهيّة الأشياء الماّديّة هذا الإمتداد الذي ليس إلاّ خاصيّة عقليّة و ليس خاصيّة تجريبيّة أي أنّه يفهم أكثر ممّا يعاين و هنا يصبح الأمر متعلّقا بتثمين المعرفة الفطريّة أي انّ داخل الإنسان تكمن الحقيقة بحيث يستعيد ديكارت المصدر الذّاتي للمعرفة فإذا قبلنا أمرا ما على أنّه يقينيّ فليس إلاّ لكوننا فهمناه وأيضا لكننا قادرين على التّعرّف عليه معرفة أنّه صحيح فلا يمكن الحكم على شيء بالخطإ أو بالصّواب ما لم نكن مالكين لمعيار يكون قادا على الفصل في الأحكام أي أنّه لدينا و بصورة ما قبليّة معرفة بالصّواب و بالحقيقة ,أن نفهم هو بالأساس أن نكتشف حقيقة تتلائم و تتوافق مع فكرة نمتلكها مسبقا و نراها منعكسة فيما نحن بصدد اختبار . فهذه الحقيقة موجودة في ذهننا و يقبلها عند الإختبار فأن نعتبرها عقليّة فلكونها موجودة في عقلنا ، فاعتبار أنّ الماهيّات العقليّة هي أفكار فطريّة يعني إقرار أنّ هذه الماهيّات تكوّن ذهننا . إن هذه الأفكار قابلة للإختبار لكونها تتعلّق بحقائق نمتلكها وهي موجودة فينا لذا فهذه الحقائق لا تدرّس بقدر ما تسترجع .

ويميّز ديكارت بين اليقين العقلي و اليقين الميتافيزيقي ،فاليقين الميتافيزيقي يجعل من الحقائق أبدية و خالدة . لكن اليقين المطلق هو شرط إمكانيّة العلوم فاليقين العقلي هو أساس كلّ يقين ، لهذا فالبداهة التي هي بالأساس عقليّة تصبح كذلك شرط تجاوز الشّكّ و يعود ديكارت للإستناد إلى الضّمان الإلهي للمعرفة و الذي سيعتبره المسؤول عن خلود وثبات الحقائق و هو أمر يعود للذّاكرة التي سيجعلها اللّه قادرة على استرجاع المعارف بل إنّ العلم نفسه لن يكون قادرا على التّطوّر إلاّ متى كانت الذّاكرة طرفا فاعلا في فعل المعرفة. وهنا أصبح العلم إمكانيّة قابلة للتّحقيق تتحرّك ميتافيزيقيّا لكنّها تتأسّس تجريبيّا فالميتافيزيقا هي أصل كلّ العلوم و هو أمر كان ديكارت قد أعلنه من خلال مجاز الشّجرة .

التّأمّل السّادس

الهدف: التّميز بين لنّفس و الجسد

ينطلق التّأمّل لسّادس من إعادة التّساؤل حول الأشياء المادّيّة و التي لم يتردّد في الإعتراف بوجودها لا لشيء إلاّ لكون الذّهن قادر على تمثّلها و تمييزها و الجسم ليس إلاّأحد هذه الأشياء المادّيّة التي بالإمكان تذهّنها و لكن كيف لنا أن نميّز بين الجسم و الفكر ؟ألا يجدر بنا رسم الحدود المعرفيّة للحواس حتّى نثبت عجزها عن التّعبير عن إنّيّتنا بما هي إنّيّة قائمة على الفكر ؟ يؤكّد ديكارت أنّ أمانة الحواس في مجال المعرفة أمر يحتاج إلى الحذر لكون ما تقدّمه الحواس يفتقد للمقوّمات الموضوعيّة للمعرفة و نعني بذلك البداهة لكون ما تنتهي اليه الحواسّ من أحكام لا يمكنه أن يحتمل إحراج الحجّة التّجريبيّة أو الحجّة العقليّة لذا سيعلن ديكارت في هذا المستوى الأخير من التّأمّلات أنّ الشّكّ في معطيات الحواسّ أمر ضروري و هو ما سيفتح أفقا جديدا لمراجعة مصدر الحواس و نعني بذلك الجسم و بالتّالي رسم الحدود بينه و بين جوهر الذّهن أي الفكر و هنا يكون اكتمال المشروع الأنتربولوجي بإثبات أن وجود لذّات الذّي هو أمر بديهيّ يعود إلى شرط أساسي هو أنّها فكر محض فجوهر الإنسان و حقيقته تعود للفكر الذي لا يمكن أن يكون أو أن يوجد بمعزل عن الجسم لكنّ العلاقة بالجسم ليست علاقة انفصال مطلق إذ يبدو و كأنّ هناك ترابط قدّمه ديكارت على نحو مثال النّوتي و السّفينة إذ يبدو و كأنّ هناك اتّحاد يجعل من الأحاسيس تترجم عبر الفكر و المعايشة المباشرة و لعلّ ما يعنيه ديكارت بهذا المثال هو بيان ضرورة التّمييز ولكن ليس ضرورة الفصل باعتبار أن النّفس و الجسد متمايزان و لكن ليسا منفصلان إذ أنّ ملكة الإحساس و ملكة التّخيّل التي تعود للفكر هي في البداية تعود للذّهن و ما يقوم به الفكر هو ترجمتها و فهمها لذا سيعمد ديكارت من خلال هذا التّمييز إلى جعل هذا التّمييز إجابة متجدّدة عن سؤاله الأوّل : من أنا ؟ حيث مثّلت النّفس و تعبيرها الفعلي اي الفكر الإجابة الوحيدة التي حاول من خلالها أن يؤسّس صورة تضع الإنسان داخل تعريف الفكر و الوعي بالذّات كذات تفكّر لها من الإرادة ومن الحريّة ما يشرّع تعاليها عن الجسم و المادّة و لواحقها من الحسّ ولم يعد الجسد هنا سوى امتداد جب أن يصنّف عل هذا الأساس

و في اخر الكتاب يكون ديكارت قد انتهى إلى رفع الشّكّ نهائيّا و لئن كان اخر ما انتهى إليه :لابدّ من لإعتراف من أنّ طبيعتنا ضعيفة عاجزة.

الإشتغال على المعاني المركزيّة التي يمكن توظيفها في برنامج السّنة الرّابعة

تــقــديــم

لعلّ أهمّ ما يقدّمه كتاب التّأمّلات هو تلك المعجميّة الفلسفيّة الزّاخرة بالمعاني و المفردات و التي ستشكّل أرضيّة بحث وتفكير و مجال تواصل بين المرجعيّات الفلسفيّة ولئن كان اعتمادها من طرف الفيلسوف مقدّما داخل سياق منطقي و منهجي فإنّ رصدها و تفكيكها سيكون بالنّسبة إلينا فرصة لتوظيفها بصورة تعكس طابعها الإشكالي حيث أنّ الرّهان هنا هو أن نتساءل: ما الذي يعطي لهذه المعاني تلك القيمة الإحراجيّة و التي ستتحوّل من خلالها إلى شبكة من الأسئلة و المراجعات ؟ كيف يكون لمفهوم ما القدرة على أن يتجاوز حدود الإقتصار على إحالة إلى مرجعيّة أو أن يكون تعبيرا على تجربة ليصبح بشكل أو باخر تواترا لأسئلة و توليدا لدعوات البحث ؟ إنّ هذه الأسئلة هي ما يقدّمه برنامج الفلسفة في السّنة الرّابعة و الذي يكون محور الإنّيّة و الغيريّة صدى له .

هذه المعاني تبدأ من عنوان المحور نفسه و نعني بذلك الإنّيّة و الغيريّة لكن سنرجئ الإهتمام به إلى اخر هذا العمل و تبريرنا في ذلك أنّ فهم دلالة هذين المعنيين يتحدّد من خلال رصد دلالات المعاني التي تشكّل هيكلة المحور نفسه ونعني بذلك : معنى الذّات و النّفس و الوعي كمعاني مركزيّة تحتلّ بداية الإهنمام ثمّ بعد ذك سيكون معنى الجسد كمعنى يمثّل كتاب التّأمّلات مجالا يتحدّد من خلاله عبر خصوصيّة السّياق ثم سيتعلّق لأمر بمعنى التّاريخ لا في دلالته المادّيّة التّاريخيّة بل في اعتباره شرطا موضوعيا للمعرفة ثمّ سيكون الأمر متعلّقا باستدعاء معنى الاخر و أن كان إدراج هذا المعنى في البرنامج الرّسمي في المحور التّالي أي "التّواصل و الأنظمة الرّمزية".

و لن يكون الأمر متعلّقا بمجرّد رصد لحضور هذه المعاني بقدر ما سيكون محاورة لها و كشفا لما تمثّله من دور في صياغة الإشكاليّات التي يطرحها البرنامج كما أن اعتماد هذه المعاني من خلال المرجعيّة الدّيكارتيّة سيكون بمثابة الخيط النّاظم الذي سيوجه العمل و الذي سيجد داخل اختلاف المقاربات التي استدعت هذه المعاني فرصة للتّعمّق في فهمها و إعادة التّفكير فيها من خلال معرفة بسياق تفتح أفق التّمعّن و فضاء إعادة طرح السّؤال . وهو الرّهان الذي قام عليه اختيار هذا الأثر و الذي سنحاول إبرازه داخل هذا الجزء الأخير من العمل .

رصدالمعاني :

- الــــذّات : لعلّ في اعتبار الفلسفة الدّيكارتيّة فلسفة الذّات ما سيجعل من هذا المعنى مركزيّا داخل هذا العمل فكتاب التّأمّلات هو ترجمة فعليّة لما يحمله هذا المعنى من قيمة داخل النسق الدّيكارتي ذلك أنّه مسار سؤال و جواب حول معنى و قيمة و خصائص الذّات أمّا فيما يتعلّق بالمعنى فهو يحيل إلى ذلك الإنكشاف الذي يعود فيه الإنسان إلى ذاته يرسم ملامحها و يحدّد مجال سلطتها معرفة و وجودا و من ثمّ يكون الأمر إبرازا لدلالاتها و لقد عمل ديكارت في كتابه هذا على أن يكون هذا المعنى مغايرا لما كانت الفلسفة السّابقة قد دأبت على إعلانه سواء بصورتها اليونانيّة القديمة على الشّكل السّقراطي إعرف نفسك بنفسك ‘و كما عبّر عنها الفلسفة الوسيطة مثلما هو الحال مع ابن سينا كصورة للإنسان النّفس أو ما قدّمه القدّيس أغسطين من بيان لمغنى الذّات التي لا تجد الحقائق إلاّ متى عادت إلى ذاتها هذا فيما يتعلّق بمجال المعرفة الذي رأى ديكارت أنّه لا يتحقّق إلاّ لحظة عودة للذّات إلى ذاتها لا في شكل تذكّر ولا في شكل استعادة لما هو في داخل الذّات بل من خلال تأسيس و هو ما سيحيل إلى البعد الثاني و نعني به قيمة هذه الذّات فبالنسبة لديكارت لا يتعلّق الأمر باكتشاف عرضي بقدر ما هو إعلان عن فدرة للتّجاوز و إمكانيّة للتّأسيس ،تجاوز لإرث من المعارف و العلوم لا يخلو من اضطراب و تأسيس لعلم يقيني شكّل أساس المشروع الّديكارتي، أمّا فيما يتعلّق بالخصائص فإن الفكر هو ما تعبّر عنه هذه الذّات فالكوجيتو الذي مثّل لحظة البداهة الأولى هو ما سيعطي للذّات أخصّ خاصيّة لها و التي سعلن نفها كذات تفكّر لها من القدرة و الإرادة و الحرّيّة ما سيجعلها في حلّ من كلّ إلزام تاريخي أو معرفي بل أمام مسؤوليّة إنسانيّة هي مسح الطّاولة و إعادة تنظيم الوجود من خلال المعرفة .

وهذا المعنى الذي قدّمه ديكارت سيكون له صدى داخل الفلسفة اللاّحقة فبالنّسبة لكانط فإنّ دلالة الذّات لا تفهم إلاّ داخل عالم التّمثّلات الذي يتعلّق دائما بشيء موضوعي أمّا هيجل فهو يعتبر الذّات داخل محال الإنفتاح على الاخر و لا تفهم إلاّ عبر
احمد حرشاني
احمد حرشاني
Admin

عدد المساهمات : 475
تاريخ التسجيل : 22/07/2010
العمر : 50
الموقع : تونس

https://philobactounis.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى