بحـث
المواضيع الأخيرة
سقراط على الأنترنيت ( من اجل فلسفة اعلامية)
صفحة 1 من اصل 1
سقراط على الأنترنيت ( من اجل فلسفة اعلامية)
سقراط على الأنترنيت
(من أجل فلسفة إعلامية)
دونيس هويسمان
(*)
ترجمة: محمد بوعزي
إن الفلسفة في حاجة إلى التواصل. ما يستشف من هذا القول، هو أنه يجب على الفلسفة أن تتخذ، في المقام الأول، التواصل كموضوع للتفكير، نظرا للمكانة وللدور الذين يميزانه داخل المجتمعات المعاصرة، وأنه يجب على الفلسفة نفسها أن تصبح قابلة للتواصل.
إننا لا نجهل دراسة علوم الإعلام والتواصل وكذا كل العلوم الاجتماعية، وبعناوين مختلفة ومن وجهات نظر متعددة، لما أسماه هابرماس Habermas التأثيرات التواصلية والتي نفضل تسميتها، السيرورات التواصلية Les processus communicationnels. في حين، نعتبر أن وجهة نظر الفلسفة لا يمكنها أن تختزل إلى أي وجهة من وجهات النظر التي توفرها الفروع المعرفية السالفة الذكر.
إن المقاربة الفلسفية ليست مقاربة خاصة من بين مقاربات أخرى. إنها، في نفس الوقت، مقاربة شمولية ومقاربة أخلاقية Axiologique تأتي متأخرة بعد المقاربات الأخرى، مثل "طائر مينرفا [1] Minerve الذي يأتي في المساء" كما عبر عنها هيغل Hegel بطريقة شعرية. فالفلسفة تتغذى، بالفعل، مما لقنتها إياها فروع المعرفة الخاصة ومن بعد تفكر (بالمعنى القوي لكلمة فكر) في السيرورات التواصلية وعلاقتها بمصير الوضع البشري، كما تحاول اقتراح مبادئ وقواعد تتعلق باستعمال ما نسميه تواصل.
إن التواصل يظهر قبل أي فحص فلسفي، وباعتباره مجموعة من ظواهر الحياة الجماعية للكائنات البشرية، فإنه لكي يوجد لا يحتاج بالضرورة إلى الفلسفة. وعلى العكس من ذلك، فإن الفلسفة أحوج إلى التواصل في هذا المستوى. لأن وضع السؤال الأصيل: "لماذا هناك الوجود وليس، بالأحرى، العدم"؟ ومبحث "كينونة الوجود L’être de l’étant" ينبغي لهما الأخذ بعين الاعتبار طبيعة ما هو متبادل في التواصل بين الأفراد وكيفيات إجراء هذا التبادل. إن الفلسفة بفحصها، بطريقتها الشمولية والأخلاقية، للسيرورات التواصلية تنير السؤال الهيدغري Heideggerienne الأصيل والمبحث الذي يليه، حيث يمكننا التوق إلى تحرير التفكير الفلسفي من القيود التي تشله اليوم.
فما دام بإمكان الفلسفة الاستمرار في الاشتغال كفرع متخصص، ومن تم قد تخضع لانحطاط محتوم، فإنها قد تعهد لعلوم الإعلام والتواصل اجتماعية أخر بالدراسة التامة للسيرورات التواصلية. لكنها إذا أرادت الخروج من برجها العاجي فعليها استخدام أسلحتها الخاصة لمواجهة الأشكال الأكثر حداثة للتواصل، أشكال في طريق التحول المستمر. ونعتقد أن أفلاطون Platon كان على حق عندما كان يقول، في استعارة الكهف، إن الفيلسوف وبعدما يرتقي إلى معرفة العالم العلوي، عليه العودة إلى الأسفل ليعلم الذين ليسوا بفلاسفة طرق الخير. كان هذا التعليم يفترض أن الفيلسوف، إضافة إلى معرفته بعالم الأفكار، كان يمتلك معارف تلامس شروط حياة من يعاصرونه من الناس. أما اليوم، فالفيلسوف يفهم أنه لا ينبغي له أن يبقى سجين ما يسمى تخصصا، الذي قد يكون تخصصه، وأن عليه أن يتحدث مع الكائنات البشرية الأخر وأن يبين لها الطريق، الذي يتحمل مسؤولية تعريفه. كذلك ينبغي له استيعاب معارف متعلقة بأنماط العيش المعاصرة وبالتواصل الاجتماعي الثاوي في قلب هذه الأنماط وصياغتها بقوة. فليس من باب العشوائية أو التعسف أن نزعم أن الفلسفة في حاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى التواصل في كل أشكاله، خاصة في أشكاله الأكثر حداثة.
إن الفيلسوف باستحواذه معرفيا على السيرورات التواصلية، باعتبارها عوامل فاعلة بامتياز في مصير المجتمعات والأفراد، سيعي دوره حيال هذا المصير والذي من دون تدخله فإن التواصل قد ينجز بطريقة عمياء خارج أي تحكم إنساني. إن الفيلسوف بمحاولته صياغة مبادئ وقواعد تهم اشتغال التواصل الجديد، سيخرج تماما مما أسميناه سابقا "برجه العاجي" من أجل مواجهة مسؤولياته الخاصة من بين أناس آخرين. لا يتعلق الأمر هنا، بطبيعة الحال، بتحويل الفيلسوف المحترف، الذي سبق لنا نقض حدوده ونواقصه، إلى ما يشبه المبشر "أو الداعية" الذي يطالب الناس بالتكيف مع نصائصه، أو إن شئنا الانضباط لأوامره. إنه، بالأحرى، متعلق بحث الفيلسوف على الاستحواذ فكريا على التواصل الاجتماعي ومن تم مساءلة الجمهور وحث كل فرد من الأفراد المكونة له على التفكير الشخصي حول طبيعة وسائل الإعلام وعلى أفضل استعمال لها في حياته.
إننا نرغب في أن يتفرغ هذا الفيلسوف المتحول بسبب أخذه بعين الاعتبار للمسارات التواصلية، إلى (مبشر) أو مناضل. ونعتقد أنه من الأفضل له تجنب أي نوع من الانحرافات بأي ثمن.
فإذا كان الفيلسوف يدعو الجمهور، مثلا، إلى عدم الالتفات إلى وسائل الإعلام وإلى عدم مشاهدة التلفزة أو الاستماع إليها، مثلما تتمنى ذلك أقلية من المفكرين، فليس لأنه ينطلق من مشروع معرض للفشل، لكن أيضا، قد يتخلى عن الميدان الذي يجرى فيه الجزء الأكبر من مصير إنسانية المستقبل. بيد أنه إذا كان يناضل من أجل إقامة نظام تشريعي لوسائل الإعلام، نظام موجه ليكون ملائما للأفراد والمجتمعات، ومن أجل أن يزيل عن هذه الوسائل، عند الاقتضاء، كل قدرة للإخضاع؛ فإن الفيلسوف قد يحيد عن دوره الذي يتجلى في الإشارة والبيان وليس في العمل على فرض النماذج.
ألا يدل هذا على أن المثقفين الذين يحاولون أن يكونوا مناضلين إلى أبعد حد، حتى وإن كان نضالهم محدودا في توقيع عرائض في غالب الأحيان، لا ينخرطون أبدا في ممارسات فعلية قصد إصلاح الأجهزة العمومية والخاصة للتواصل الإعلامي؟ إنهم يريدون، من دون شك، تحمل مسؤوليات تسيير وسائل الإعلام التي تمنحهم منابر تمكنهم من إرضاء رغباتهم الجامحة في الظهور ولو جزئيا.
ما هو مرغوب فيه، بكل تأكيد، أن تكون وسائل الإعلام موضوعة من طرف مجموعة من المواطنين تحت نظام تشريعي يضمن لمهنيي التواصل الاجتماعي أكبر فرصة لحرية التصور والتعبير والتي تحمي الجمهور ضد التعسفات والعشوائية المحتملة لهؤلاء المهنيين أنفسهم، وهذا يقتضي تحقيق شيء ما، يشبه إلى حد ما تربيع الدائرة. وبعيدا عن هذه الملاحظة، فإنه سيكون على الفلسفة أن تبين أن أي نظام تشريعي لا يمكنه أن يجعل أي فعل للتواصل الإعلامي كاملا من كل الجوانب، كما يجب عليها أن تدعو إلى اليقظة والحذر من الكل، خاصة يقظة المواطنين، حول الواقع الفعلي بأن كل قانون لا قيمة له إلا بقدر ما يمنح من قيمة من لدن الذين يكلفون بتطبيقه وأن قيمته أيضا ما هي إلا قيمة الأفراد الذين يسري عليهم هذا التطبيق أو الذين يستفيدون منه. كما أن للجمهور مسؤولية فيما يخص التواصل الاجتماعي، حتى وإن كان هذا الجمهور يتأثر أكثر مما يؤثر. إنه يجب على الفيلسوف أن يحرص على الفعل.
إن أصل التبشير (الدعوة) لاهوتي أما النضال فهو ذو طبيعة إيديولوجية. إن الفلسفة تميزت تاريخيا عن اللاهوت كما أنها رفضت دائما النزول إلى مستوى أي غيديولوجية مهما كان نوعها. ولكي تكون الفلسفة في مستوى تحديات عصر غامض، عصر يحبل بمستقبل لم تتضح معالمه بعد، والذي هو عصرنا؛ فإنه يجب عليها، حسب التعبير القديم، "أخذ الثور من القرنين". وهذا ما يفرض مواجهة التواصل كما هو منتشر داخل المجتمعات المعاصرة، وذلك بجعل هاته المجتمعات في معظمها كما هي.
إن التواصل في حاجة إلى الفلسفة؛ إن هذه العبارة تعتبر بالنسبة لنا أكثر من مسلمة للجملة التي بدأنا بها هذا الفصل. في الواقع من دون الفلسفة التي تبحث في منح التواصل مكانة داخل الوضع الإنساني. والتي تقترح عليه التلاؤم مع قيم ما. فالتواصل قوة هائلة تفتقد التحكم في ذاتها مثلما تفتقد المراقبة الذاتية.
لقد كان "نيتشه" Nietzsche يتحدث عن الدولة باعتبارها غولا هادئا. إنه كان يريد القول بهذا أن البشر كانوا مضطرين إلى خلق الدولة لحماية المجتمع ضد المخاطر الداخلية وضد التهديدات الخارجية، وأن هذا الخلق كان ينفلت من مقاربتهم وكان قد أصبح قوة عمياء لقمع الأفراد. ولو قدر لنيتشه أن يعود إلى الحياة مرة أخرى، فإنه من الممكن أن يلاحظ، في جل أنحاء العالم تقريبا، مدى ضعف قوة الدولة أمام مؤسسة من نوع آخر أصبحت (أو هي في طريق أن تصبح) سلطة مطلقة، هذه المؤسسة ليست سوى التواصل الإعلامي. أليست هذه المؤسسة في العمق أكثر من "سلطة رابعة" التي ساعدت قديما في تسمية الصحافة المكتوبة وهذه التسمية تظهر غير كافية لتميز السلطة الحقيقية والقوية للتواصل الإعلامي.
ونظرا لوعي أغلب معاصرينا بهذا الوضع، فإنهم يطمحون إلى مراقبة وسائط الإعلام من طرف الجمهور، أو على الأقل، من طرف ممثلين لهذا الجمهور. إن علوم الإعلام والاتصال وكذا العلوم الأخر التي تدرس الظواهر الإنسانية، يجب عليها أن تأخذ بأحكام الواقع وتترك جانبا صياغة أحكام القيمة. إن هذه العلوم تزودنا بمعرفة ضرورية حول السيرورات التواصلية لكن ليس توجه كي تحثنا على اكتساب تحكم أو مراقبة على هذه السيرورات التواصلية. إن هاته الرسالة موكولة بجلاء إلى الفلسفة.
من أين قد تأتي المبادئ التي أسمناها سابقا أخلاق الإعلام infoéthique ومن أين قد تأتي قواعد الأدبيات التي ينبغي أن يحترمها المتصرفون في الإعلام، إن لم تأت من فلسفة الأخلاق، المؤهلة لوحدها، نظرا لطبيعتها ولوظيفتها، في إظهار القيم الكونية التي بإمكانها أن تحمينا ضد كل أشكال الهمجية؟
فأمام برامج البث الإذاعية، وكذلك، أمام برامج البث التلفزية، يمكننا أحيانا أن نخشى التلاعب بنا. إن هذا الخوف من التلاعب يعتبر شيئا غريبا لا يحمي المشاهدين، على العموم، ضد قوة إغراء صور الأفلام وضد تأثير التركيبات صور-أصوات الذين هم مرسلوها. هذا لا يعني أنه داخل البلدان التي تتمتع بنظام تمثيلي يكفي أن يتخذ بعض الناس مواقف متميزة من وسائط الإعلام من أجل "إجراء" انتخابات. لقد بين جان كزنوف Jean Casaneuve بوضوح أن هذه المسألة كانت جد معقدة، وأنه خارج الدول الشمولية، لم يكن بالإمكان الحديث بطريقة مشروعة عن "الانتخابات المتلفزة Téléctions" [2] إن قوة الإغراء والتأثير اللذان أشرنا إليهما سابقا لا ينحصران في برامج البث السياسية، إنهما ينتقلان، مع درجات مختلفة، عبر كل برامج البث، بما فيها تلك البرامج التي تكتسي طابع التسلية المحض.
ينبغي فهم التلاعب الإعلامي بشكل مغاير وليس "كمؤامرة" قد تكون محركة بواسطة المهنيين من أجل استعباد الجمهور وجعله ينجز بعض الأفعال بدل أخر. ومن أجل حضور قوي للتلاعب الإعلامي فإنه يكمن في سيرورة جد معقدة وأكثر لا شعور بشكل واضح من لا شعور "المؤامرة". قد يتعلق الأمر بتأثيرات السلطة المطلقة للتواصل الإعلامي ليس فقط على الجمهور، ولكن أيضا على المهنيين أنفسهم.
ورغم ما تحتوي عليه التركيبات صور-أصوات من جزء هام غير عقلاني وباعتبارها تشكل الموجهات لبرامج البث التلفزية، فإن لها منطقها الخاص. إن المنطق الذي يدفع المهنيين إلى معالجة مواضع البث من خلال الفعالية القصوى لهذه التركيبات صور-أصوات، حتى وإن لم يكن لدى الممارسين كامل الوعي بما أدى بهم إلى القيام بهذا الفعل. ومن الجهة الأخرى للكاميرا، مثلما يقال عادة، فإن المشاهدين يحاولون اتخاذ الحذر ضد مخاطر التلاعب، إنهم يخضعون بدورهم لتأثيرات منطق التركيبات السالفة الذكر وأن شيئا ما من قدرتهم النقدية توجد، على الأقل لفترة معينة، محايدة.
إذن فالفلسفة باعتبارها قوة نقدية وباعتبارها قوة لقضية أخلاقية Axiologique، هي التي يمكنها ويجب عليها التدخل لتحرير المشاهدين من التلاعبات المحتملة أو على الأقل من الإغراء ومن الخضوع للخطابات الإعلامية.
في حين أن التلاعب ليس هو الخطر الوحيد الذي قد يأتي من التواصل الإعلامي، وليس من المحتل أن يكون الأكبر. ونظرا لما لوسائط الإعلام من تقنية عالية خاصة بها، ونظرا أيضا لكون محطات البث التلفزي مقاولات حقيقية، فإن هذه الوسائط تلجأ إلى شخص مؤهل وإلى تأطير رفيع المستوى. إنها قد تنتج ما سنسميه خطر الممارسة التقنوقراطية Technocratisation.
يمكن من الآن، ملاحظة إشارات معلنة عن هذا الخطر. فالمنظمون لبرامج البث يعتقدون معرفة حاجات واهتمامات الجمهور أفضل من أي شخص آخر. إنهم يقدرون أن تركيز المشاهد "المتوسط" لا يدوم إلا قليلا على نفس الموضوع. ولهذا السبب فإن أغلب المقاولين في السمعي البصري يرفضون، ولو في برامج إخبارية أو تربوية، تنامي أيقونات (صور) أو خطابات (أصوات) جد طويلة في رأيهم، حتى وإن كانت ضرورة أولية لفعالية بيداغوجية تقتضي المغايرة.
هؤلاء المقاولون المهنيون الذين يضعون مشاريع للتطبيق يظنون كذلك أن مشهد العنف والصور والتعاليق المؤلمة إلى حد ما هي التي تجذب المشاهد من دون منازع. وقد يختارون أيضا اللقطات التي يكون هدفها شد انتباه الجمهور خاصة من خلال هذه المعايير التي يفترض أنها ملائمة. وقد يحظون بامتياز لقطات ذات طبيعة عنيفة أو ذات تأثيرات مؤلمة، أفضل من اختيار لقطات أخر قد تحمل على العكس قوة تربوية أو إعلامية أهم.
إننا نتساءل كثيرا في الوقت المعاصر حول دور وسائط الإعلام فيما يتعلق بإشاعة وتضخيم خطورة العنف في المجتمع. يتضح لنا أن هذا المشكل في كل الأحوال، لا يختزل إلى مسألة إظهار برامج تلفزية لأفعال عنف جنحية أو إجرامية أو حربية، بل أيضا هذا البث يستدعي تأملا فيما يتعلق بتأثيراته خاصة على الأجيال الشابة. وعندما نقول إن المشكل أوسع بكثير من ذلك، نفكر كذلك في الكيفية العنيفة التي تقدم بها أحداث قد لا تكون في واقع الأمر عنيفة.
أليست هي حالة مباريات كرة القدم؟ فاللاعبون يمارسون نوعا من العنف البعض ضد البعض الآخر، ولكنه عنف متعلق باللعب، عنف يتم تقنينه واحتواؤه بواسطة قواعد اللعبة. أليست الرياضة نوعا من التنفيس للعنف المتأصل في الأفراد؟ وفيما يتعلق بالمتفرجين فإنهم يشهدون على عنف غير متحكم فيه إلى حد أنه يتولد أحيانا بمواجهات جسدية في المنصات وغالبا على جنبات الملاعب. ينبغي كذلك معرفة أن هذا العنف الذي يأتي من المتفرجين ازدادت خطورته مع البث التلفزي للمباريات. ونعتقد أن التلفاز ساهم بقسط أوفر من خلال إثارات (منبهات) تصل إلى حد الشوفينية، وتدفق العنف الجماعي، ليس فقط في المسابقات الرياضية، ولكن بمناسبة هذه المسابقات، كما لو أن الأمر يتعلق بظواهر ملتصقة بها بشكل تعسفي.
إن منطق التركيبات صور –أصوات التلفاز قاد المهتمين إلى فكرة أن الجمهور قد يكون سعيدا بمشهد تلفزي بقدر ما يكون هذا المشهد محمولا بأقوى شحنة من العنف. وبالتالي فإنه انطلاقا من هذا التصور ساهمت وسائل الإعلام بقوة في الرفع من سلطة العنف الخاص بالمجتمعات المعاصرة.
هنا أيضا، يمكن للفلسفة ويجب عليها تنوير العقول حول هذا التوليد الاصطناعي والمتداول للزيادة في العنف وأن تبين القيم التي تمكن من حل المشاكل المطروحة من هذا الطراز. وبخلاف التقنوقراطية والتي يقتدي أصحابها بالمثالية ينبغي القول تقريبا ديانة الفعالية الأفضل والذين في مجال الوسائط الإعلامية، يبحثون في التطابق مع تطلعات الجمهور أقل من التمثل الذين يكونونه. إن الفكر الفلسفي يبين الطريق المؤدي إلى التحكم التدريجي في نفس الوسائط الإعلامية ويبين القيم والمبادئ والقواعد التي تبحث جادة في إخراج التواصل الاجتماعي إلى نوع من الاشتغال من دون مراقبة أخرى سوى مراقبة عقلانية تقنية محدودة النظر.
إن الفيلسوف بتحوله إلى رائد للتواصل، بصيغة جديدة، سيؤكد بتدخله إلى أي حد سيمكن لتواصل بلغ مرحلة التداول الإعلامي الاستفادة من الفلسفة المتجددة. من هنا سيتضح جليا أن الفلسفة والتواصل كانا وما زالا وسيظلان في حاجة أحدهما للآخر. وسوف لن يكون من باب المبالغة التأكيد على أنه من دون مرجعية تواصلية فإن الفلسفة ستصبح تأملا محروما من مصلحة إنسانية أساسية، وأنه من دون ارتباط التواصل بالفلسفة، سيصبح غولا ينقلب ضد الكائنات البشرية التي أوجدته وطورته•
________________________________________
مواضيع مماثلة
» حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
» نقد العقل التاريخي: سقراط والبحث عن الانسان
» فلسفة حكم الأغلبية
» فلسفة التواصل في عصر التقنية
» كتب فلسفة هامة جدا
» نقد العقل التاريخي: سقراط والبحث عن الانسان
» فلسفة حكم الأغلبية
» فلسفة التواصل في عصر التقنية
» كتب فلسفة هامة جدا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2nd يونيو 2013, 05:24 من طرف nadhem
» إلى أين تسعى ياجلجامش؟
27th سبتمبر 2012, 01:21 من طرف احمد حرشاني
» لست أدري! لست أدري!
27th سبتمبر 2012, 01:14 من طرف احمد حرشاني
» تلخيص مسالة الخصوصية والكونية
5th ديسمبر 2011, 01:04 من طرف احمد حرشاني
» شواهد فلسفية: الانية والغيرية
5th ديسمبر 2011, 01:03 من طرف احمد حرشاني
» شواهد :الانظمة الرمزية
5th ديسمبر 2011, 01:02 من طرف احمد حرشاني
» شواهد :الانظمة الرمزية اللغة
5th ديسمبر 2011, 01:02 من طرف احمد حرشاني
» شواهد :الانظمة الرمزية المقدس /الأسطورة
5th ديسمبر 2011, 00:57 من طرف احمد حرشاني
» شواهد من اقوال الفلاسفة عن الصورة
5th ديسمبر 2011, 00:53 من طرف احمد حرشاني